الكثير من الجمال بمختلف اللغات


الفن هو لغة بعدة لهجات، كل لهجة تختلف حسب من يتحدث! 
فعلى سبيل المثال: الصورة هي لغة الأعين؛ فكل عين ترى وتشاهد الصور بمختلف أشكالها وألوانها وكل صورة تهمس برسالة مختلفة في كل عينٍ تراها. كما أن الأصوات هي لغة وحدها الأذن تستطيع سماعها والاستمتاع بها، وللرائحة وقعٌ ساحر فقد تنقلنا إلى أماكن عدة وتذكرنا بالأشخاص وتنفض غبار الذكريات المخزنة في ذاكرتنا، ووحده اللمس يستطيع أن يشعر بدفيء ونعومة الحرير أثناء ملاطفته لأيدينا وأجسادنا. كل تلك المشاعر هي لغات تهمس بها الأشياء من حولنا وتداعب كل حاسة فينا لتوصل لنا رسالة سرية وحدها حواسنا من تستطيع فك شفرتها.
.     .     .

أحب الفن بمختلف أنواعه وأعشق جنون الفنانين وإدمانهم لكل ما هو جميل، فكل ما نصنعه ونقوم به في الحياة هو فنٌ منفردٌ بذاته لا يشبهه شيء آخر، وكل فنانٍ هاوٍ يستطيع أن ينقل إلينا وينقلنا إلى عالم لا نجد فيه سواه يلعب بأوتار أحاسيسنا وإشباع رغباتنا فيجعلنا كالدمى ينقلنا من متعة لأخرى دون أن نشعر -فقط- مستمتعين بالرحلة.
.     .     .

الجمال متسع ومشع والفنانون هم من يجعلون للجمال بريق ولمعان أقوى؛ فكل واحدٍ منهم يحكي بلهجته المتميزة عن غيره في مجاله وعالمه الخاص الذي يصنعه بخفاء ويقدمه لكل متذوق للجمال:
فالأديب مدمنُ للكلمة فبكلمة واحدة من قصيدة أو خاطرة أو قصة يستطيع أن يبكينا ويضحكنا ويجعلنا نعيش في عالمٍ آخر، عالم من صنع خياله ورسم كلماته، كما أنه يعزف الكلمات حبًا بأحرفٍ عذبة يجعل من يقرأها يشعر بأنه المحبوب ولا أحد سواه. 
.     .     .

والمصور مدمنٌ للحظة فيصنع منها صور باقية لوقتٍ أطول، فزاوية واحدة تمكننا من الشعور بالجمال والأناقة المتناهية في كل جزءٍ منها كما أن صورة واحدة ترسم آلاف الكلمات في مخيلاتنا لتعبر عما نراه، ونعيش تلك اللحظة وذاك الشعور  كما لو أن الوقت لا يمضي ولا يتحرك. 
.     .     .

والموسيقي يداعب أجهزته بيديه دون أن يعلم أنه يداعب مسامعنا وحواسنا تارة بنغمة مرتفعة نشعر معها بالنشوة وتارة بنغمة قوية تشعرنا بالفخر والاعتزاز، كما أن تلك الأغنية تنقلنا إلى حقبة زمنية بعيدة كنا فيها أصغر سنًا ندندن كلماتها بكل فرح وسعادة ونسترجع أيامًا جميلة مضت نعيشها كل مره مع تلك النغمات. 
أنا أعشق عبد الحليم حافظ
.     .     .

والطباخ يعزف على وصفاته الشهية فيقدم أطباقه كمعزوفة في غاية التناغم والجمال، ولهذا السبب نحب أن نأكل في هذا المكان دون غيره؛ كونه يداعب جميع حواسنا فالمذاق رائع والرائحة زكية ورؤية الأطباق المبتكرة تثير أعيننا قبل ألسننا. 
.     .     .

لم ننتهي؛ فللجمال قصص وألوان وللفن بقية فالحياة تتسع لكل ما هو جميل إن أمعنا النظر حولنا ومارسنا ما نحب وأتقنا ما نصنع وأبدعنا فيما نعمل.

(اصنع عالمك الخاص بجنون وشغف وشاركنا عالمك حتى نتمكن من العيش بعوالم مختلفة لا تشبه إلا أصحابها)
.     .     .

تسعدني تعليقاتكم ومشاركاتكم :)

تعليقات